الموضوع: الحبس
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى رقم: 692/ م.أ.ف.م (031/024م)
بتاريخ: 02/07/2024
الموضوع: الحبس
السؤال: أرض محبسه عَلَيَّ حبسا معقبا وليس لديَّ مال أبني به دارا، وقد صارت معرضة للضياع، هل لي أن أبيعها وأشتري بثمنها دارا لها غلة؟
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛
أما بعد: فإن الأصل المتَّفق عليه في المذهب أنّ الوقف إذا كان عقارا لا يجوزُ بيع ذاته ولا هبتُه، وأصل ذلك ما جاء في صحيح البخاريِّ أنّه صلى الله عليه وسلّم قال لعمر: “تَصدَّقْ بأصله؛ لا يُباعُ ولا يوهَبُ ولا يُورَثُ، ولكن يُنفَقُ ثمَرُه”. وقد اختُلِف في الحديث، فمن الرواة من وقفه على عمرَ بن الخطّاب رضي الله عنه، ومن أدلّة ذلك أيضا عمَلُ أهلِ المدينة، فقد جرى عملُهم ألّا يبيعوا، وبقاء أحباسهم إلى اليوم شاهدٌ لذلك، وجاء عن الإمام مالك أنّه قال: “لا تُباعُ الدَّارُ المحبَّسةُ وإن خرِبت وكانت عرصةً”.
هذا هو الأصلُ المعروف المنقول عن الإمام مالك رحمه الله، ولكنّ علماء المذهب أجازوا إذا خيف على العقار الحبُس الضياع وتعذّر الانتفاع به أن يُباع ويُشتَرَى عقارٌ آخرُ ينتفِعُ به المحبَّسُ عليه، بل جرى عمل أهل فاس بذلك كما قال الفلاليُّ:
ومــا مــن الحبس لا ينتفـع بــه ففيــه البيــع ليس يُمْنَــعُ
وبالمعاوضــة فيــه عملــوا علــى شروط عرفت لا تهمل
كوْنُ العقارِ خَرِبًا وليس في غَلَّتــــه مـــا بصلاحـــه يَفِـي
وفقْدُ من يُصلِحُــه تطوُّعــا واليأسُ مـن حالَتِهِ أن ترْجِعا
وبناء على هذا، فإنّ لناظر الحُبُس المذكور في السؤال ما دام الانتفاعُ به على الحالة المذكورة متعذّرا ويُخاف عليه الضياع، أن يبيعَه ويصرِفَ ثمنَه في عقار آخر يُمكن الانتفاع به سكنى أو اغتلالا؛ فإنّ ذلك هو مرادُ المحبِّس، ولا يكون ذلك إلا بحكم القاضي بعد ثبوت السبب والغبطة في العوض، ويسجل ذلك ويشهد به [المعيار: ج7، ص138].
وقد سبق للمجلس أن أصدر فتويين في نفس المسألة تحت الرقمين: 222 و298.
والله تعالى أعلم.