في بعض أحكام الرضاعة
الفتوى رقم: 482/ 2022م: في بعض أحكام الرضاعة
السؤال: ملخص الاستفتاء: صبي انقطع عن الرضاع وهو في الثانية من العمر بسبب وفاة أمه ولم يتأثر بفقد الرضاع مدة شهرين وبعد ذلك أصيب بمرض الحصباء وصارت المراضع ترضعه بسبب ذلك المرض.
السؤال: هل يجوز لهذا الصبي الزواج بإحدى بنات من أرضعته أم لا؟ وهل يترتب عليه ما يترتب على الرضاع الصحيح أم لا؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه؛
وبعد: فإن مشهور المذهب هو عدم نشر الحرمة بالرضاع الحاصل بعد استغناء الولد عن الرضاعة سواء رجع لها بعد انقطاعه عنها بمدة طويلة أو قصيرة.
قال ابن أبي زيد في الرسالة: “وَلَوْ فُصِلَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ فِصَالًا اسْتَغْنَى فِيهِ بِالطَّعَامِ لَمْ يُحَرِّمْ مَا أُرْضِعَ بَعْدَ ذَلِكَ”.
قال النفراوي: قَوْلِهِ: (وَلَوْ فُصِلَ) أَوْ مُنِعَ الرَّضِيعُ مِنْ لَبَنِ أُمِّهِ (قَبْلَ) تَمَامِ (الْحَوْلَيْنِ فِصَالًا) بَيِّنًا بِحَيْثُ (اسْتَغْنَى فِيهِ) الرَّضِيعُ (بِالطَّعَامِ) عَنْ اللَّبَنِ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِ اللَّبَنِ (لَمْ يُحَرِّمْ مَا) أَيْ اللَّبَنُ الَّذِي (اُرْتُضِعَ) بِلَفْظِ الْمَجْهُولِ (بَعْدَ ذَلِكَ)… فَلَا تَحْرِيمَ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ الِاسْتِغْنَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَمَانُ الرَّضَاعِ قَرِيبًا مِنْ زَمَنِ الْفِطَامِ بِنَحْوِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أُعِيدَ لِلرَّضَاعِ لَكَانَ قُوَّةً فِي غِذَائِهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فِصَالًا بَيِّنًا.[1]
وقال خليل في مختصره: “حصول لبن امرأة … محرم إن حصل في الحولين أو بزيادة الشهرين إلا: أن يستغني ولو فيهما.”
قال محمد عليش: (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) الصَّغِيرُ بِالطَّعَامِ عَنْ اللَّبَنِ اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا بِحَيْثُ لَا يَكْفِيهِ اللَّبَنُ إذَا رُدَّ لَهُ فَلَا يَحْرُمُ رَضَاعُهُ هَذَا إذَا اسْتَغْنَى فِي الشَّهْرَيْنِ الزَّائِدَيْنِ بَلْ (وَلَوْ) اسْتَغْنَى (فِيهِمَا) أَيْ الْحَوْلَيْنِ وَسَوَاءٌ رَضَعَ فِيهِمَا بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ بَعْدَ اسْتِغْنَائِهِ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ ضَيْح يَعْنِي إذَا فُصِلَ فِي الْحَوْلَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ نَشْرُ الْحُرْمَةِ بِاتِّفَاقٍ وَإِنْ اسْتَغْنَى فَإِمَّا بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ بَعِيدَةٍ فَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ وَإِنْ كَانَ بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُحَرِّمُ وَالثَّانِي لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ يُحَرِّمُ إلَى تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ بِإِلْغَاءِ الِاسْتِغْنَاءِ فِيهِمَا.[2]
وقال الخرشي: (إلَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ) اسْتِغْنَاءً بَيِّنًا عَنْ اللَّبَنِ بِالطَّعَامِ فَلَا يُحَرِّمُ الرَّضَاعُ حِينَئِذٍ (وَلَوْ) حَصَلَ الِاسْتِغْنَاءُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْحَوْلَيْنِ وَسَوَاءٌ اسْتَغْنَى فِيهِمَا بِمُدَّةٍ بَعِيدَةٍ أَوْ قَرِيبَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ فِي بَقَاءِ التَّحْرِيمِ إلَى تَمَامِهِمَا.[3]
خلاصة الفتوى: خلاصة الفتوى: أن هذا الرضاع لا يعتبر مُحرِّما ولا تكون المرضعة فيه مَحرَماً، والله الموفق.
———————–
[1] – الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني، ج: ، ص: 5.
[2] – منح الجليل شرح مختصر خليل، ج: ، ص: 374.
[3] – شرح الخرشي على مختصر خليل، ج: 4، ص: 178.