رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم يقدم محاضرة هامة تحت عنوان: “إسهامات الفتوى في تحقيق مقصد منع النزاع”، وذلك خلال الجلسة العلمية الثالثة من فعاليات المؤتمر الثامن للإفتاء المنعقد حاليا في القاهرة
في بداية كلمته في الجلسة العلمية الثالثة حول موضوع: “الفتوى والتحديات الاقتصادية وتحديات الفضاء الإلكتروني” أشاد الدكتور إسلمُ ولد سيد المصطف/ رئيس المجلس الأعلى للفتوى بموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الداعم والمساند للقضية الفلسطينية، وموقف الشعوب العربية والإسلامية، كما أشاد بكلمات العلماء المشاركين في المؤتمر تجاه القضية الفلسطينية.
ثم انتقل إلى بيان بعض مرتكزات الفتوى قائلا:” إذا كان المفتي، بما يحيط به من شروط وضوابط وأهلية، ومسئولية، يشكل ركيزة أساسية في عملية الإفتاء، فإن المستفتي هو الآخر، بما ينزل به من نوازل، وما يعرض له من تعقيدات وإشكالات، في حياته الشخصية، وفي علاقاته اليومية مع الآخرين، يشكل العنصر الجوهري الثاني، المحرك لراكد العلم؛ خفيـه، وظاهره، جديده، وقديمه، مدفوعًا بأوامر قرآنية صارمة، حيث إن الفتوى تشترك مع التعليم، والإعلام، والقضاء، في أنَّ كلًّا منها بيان وإظهار لحكم الله تعالى، وتتفق الفتوى مع القضاء في تعلق أحكامهما معًا بأعناق المكلفين.
وفي هذا الصدد بَيَّنَ رئيس المجلس الأعلى للفتوى والمظالم أن المفتي موقع عن رب العالمين، ناطق بشرع النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كانت فتواه نص آية من كتاب الله تعالى، أو حديثا، أو حكما مستنبطا منهما، أو من واحد منهما.
كما أوضح أن فتوى المفتي تسدُّ باب النزاع، وتوقف مساره، سيما وأن مهمة المفتي في حقيقتها هي ضبط المجتمع في مجال الدين، وترشيد التدين، وتحويل الخلاف إلى رحمة، واستغلال فقهي التنظير والتنزيل لذلك.
وأشار الدكتور إسلمُ ولد سيد المصطف إلى أن مهمة المفتي ليست هي برنامج سؤال وجواب، ولا هي أن يقول حكمًا مبتورًا من التوجيه، والنصح، والتعليل، بل عليه أن يجيب بأريحية، ولطف، وتوجيه، وتحذير، وترغيب، حتى يشعر المستفتي بالفرق الشكلي والواقعي بين فضاء الفتوى المشحون بالأريحية، والسعي إلى تخليص المستفتي من حرج المخالفة، والرغبة في الاستقامة، لِيُكَرِّهَهُ في النزاع، أو الخصومة، وليربط له بين المخاصمة والنزاع من جهة، وبين قولهم المخاصم رجل سوء.
وفي نهاية مداخلته أكد رئيس المجلس أن تعدد مشارب المفتين في العصر الحالي، وكثرة اختلاف الفقهاء قد يكون سببًا في عدم إنهاء النزاع، بل في تشعبه وإطالة أمده، وقد تلعب درجات التقاضي في ذلك دورًا مهمًّا، إضافة إلى المصالح المتعلقة بإطالة أمده، واستمرار الأمل في تحقيق المكاسب عن طريق الاختلاف في التكييف والترجيح، وعدم استقرار الإدارات القضائية.