الموضوع: أحكام عامة
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى رقم: 710/ م.أ.ف.م (047/024م)
بتاريخ: 22/10/2024
الموضوع: أحكام عامة
السؤال: يوجد في المسجد الذي أنا إمامه أحد المصلين يأتي قبل أن تقام الصلاة إلى المسجد ويتريض فيه – بمعنى أنه يتحرك من طرف المسجد إلى الطرف – تارة يمشي بشكل طبيعي وتارة يهرول، وذلك داخل صحن المسجد، وعندما نهيناه عن ذلك لأن المساجد أعدت للصلاة وذكر الله امتنع عن التوقف وطلب منا أن نأتيه بمكتوب في الموضوع يمنع الرياضة داخل المسجد.
من هنا لجأنا إليكم لترفعوا عن هذا المسجد هذا الضرر الذي وقع عليه، وكذلك المصلون، حيث ينزعج البعض منهم من رياضة الرجل.
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛
أما بعد: فإننا نحيل هذا المستفتي إلى فتوى سابقة للمجلس تحت الرقم 392، ونصها:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛
أما بعد: فإن الله تعالى جعل المساجد بيوته على هذه الأرض فأضافها إليه سبحانه وتعالى إضافة تشريف وتعظيم، فقال جل من قائل:﴿ وَأَنَّ اَ۬لْمَسَٰجِدَ لِلهِ فَلَا تَدْعُواْ مَعَ اَ۬للَّهِ أَحَداٗۖ ﴾[سورة الجن، الآية: 18].
وينبغي لعُمَّارِهَا أن يعلموا أنه سبحانه وتعالى أراد لهذه المساجد أن تكون سبباً في تآلف المجتمع وتراحمه ووحدته ومحو الفوارق الطبقية والفئوية عنه، وأن يتم إبعادها عن كل ما يناقض رسالتها تلك من مشاحنات وخصومات.
وهذا ما أوصانا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ، وَمَجَانِينَكُمْ، وَشِرَاركُمْ، وَبَيْعَكُمْ، وَخُصُومَاتِكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَاتَّخِذُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ.”[سنن ابن ماجه، الحديث:750].
وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: «لِيَلِنِي منكم، أولو الأحلام والنُّهَى، ثم الذين يلونهم ثلاثا، وإياكم وهَيْشَاتِ الأسواقِ.» [صحيح مسلم، الحديث: 432]
وفي رواية أخرى: «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلاَمِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، وَلاَ تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، وَإِيَّاكُمْ وَهَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ.» [سنن الترمذي، الحديث:228].
وقد فسر النووي “هَيْشَاتِ الأَسْوَاقِ ” فقال: أي اختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط والفتن التي فيها. [المنهاج: شرح صحيح مسلم بن الحجاج، ج: 4، ص: 156].
وقال الشوكاني: و”الْهَوْشَةُ” الفتنة والاختلاط، والمراد النهي عن أن يكون اجتماع الناس في الصلاة مثل اجتماعهم في الأسواق متدافعين متغايرين مختلفي القلوب والأفعال. [نيل الأوطار، ج: 3، ص: 217].
وانطلاقا من هذه النصوص وما تحمله من حَضٍّ على الائتلاف وأخذ كافة أسبابه، والبعد عن الاختلاف وكافة سبله، فإنه على جماعة المسجد أن تتعاون على ما فيه الخير للجميع وإبعاد المساجد عن كل ما لا تصلح له، هذا ما ينبغي أن يعقله الجميع ويتعاونوا عليه.
أما بخصوص ما ورد في السؤال من قيام البعض بالرياضة في المسجد أو في حصنه فإن هذا التصرف لا يليق وجدير أن يذكر فاعله بقول النبي صلى الله عليه وسلم:
«إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن.» [صحيح مسلم، الحديث: 285].
ومن المعلوم أن ” إنما” أداة للحصر والإثبات، ثم إن هذا التصرف ينافي ما أمرنا الله تعالى به من تعظيم حرماته، قال جل من قائل:﴿ ذٰلك وَمَنْ يُّعَظِّمْ حُرُمَٰتِ اِ۬للَّهِ فَهُوَ خَيْرٞ لَّهُۥ عِندَ رَبِّهِۦۖ ﴾[الحج: 28].
ولا شك أن المساجد من أعظم حرمات الله جَلَّ وعَلاَ، فيجب أن تصان عن كل ما لا يليق بها من قول أو فعل.
خلاصة الفتوى:
الخلاصة أن ممارسة الرياضة في المسجد أوفي حصنه لا تجوز لأنه ما بُنِيَ لذلك، وإنما بُنِيَ لما يُقَرِّبُ من الله تعالى من أفعال البِرِّ فقط.
والله تعالى أعلم.