الموضوع: تحية المسجد
بسم الله الرحمن الرحيم
الفتوى رقم: 711/ م.أ.ف.م (048/024م)
بتاريخ: 22/10/2024
الموضوع: تحية المسجد
السؤال: يوجد في المسجد – الذي أنا إمامه – رجل من أهل الفقه يقول بوجوب تحية المسجد وحرمة تركها خاصة بين أذان المغرب وقبل الإقامة.
حيث قال بأن من دخل المسجد بعد أذان المغرب وقبل أن تقام الصلاة يحرم عليه الجلوس حتى يؤديَ تحيةَ المسجدِ، وإذا لم يفعل ذلك يكون مرتكبا لحرمة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصليَّ ركعتين”.
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه،
أما بعد: فإنّ تحية المسجد مستحبّةٌ، وقد حكى الاتفاق على ذلك غير واحد من العلماء، قال: الحافظ ابن حجر رحمه الله: ” وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى أَنَّ الْأَمْر فِي ذَلِكَ لِلنَّدْبِ، [فتح الباري: 1/ 538]. وأصل ذلك حديث أبي قتادة رضي الله عنه في الصحيحين، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ”.
وأما ما بين أذان المغرب وإقامتها فمذهب مالك كراهة النفل فيه، قال خليل: “وكره بعد فجر وفرض عصر إلى أن ترتفع قيد رمح وتصلى المغرب”
وفي البيان والتحصيل: أن الكراهة مذهب مالك، وأن ابن القاسم روى عن مالك لا يعجبني هذا العمل (أي النفل قبل صلاة المغرب)، قال ابن رشد: “وما ذهب إليه مالك من كراهة ذلك أظهر لثلاثة أوجه:
أحدها: حماية للذرائع؛ لأن ذلك لو أبيح في الناس لكان ذلك سببا لتأخير المغرب عن وقتها المختار، وعن أول وقتها المختار على مذهب من رأى لها وقتين في الاختيار.
والثاني: ما روي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ قال: «عند كل أذان ركعتان ما خلا صلاة المغرب» [الحديث أخرجه البيهقي والدارقطني].
والثالث: استمرار العمل من عامة العلماء على ترك الركوع في هذا الوقت، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لم يفعله، ولا أبو بكر، ولا عمر، إذ لو فعلوا ذلك لنقل عنهم”.
والخلاصة: أن الوقت الذي بين أذان المغرب وإقامتها ليس وقت نافلة لضيق الوقت، ومن صَلَّى فيه ركعتين فلا يُنْكَرُ عليه لما ثبت في الحديث من الإذن فيهما في قوله صلى الله عليه وسلم: “صلوا قبل المغرب…” الحديث، ولكن لا قائل بالوجوب، والإذن الوارد في الحديث اقترن بالتخيير في قوله صلى الله عليه وسلم: “لمن شاء”.
والله تعالى أعلم.