صناعةالفتوى1
بقلم عضو المجلس إبراهيم محمد الأمين (الكلي)
سنستعرضُ في هذا الركن بحول الله وقوّته جملةً من المفاهيم الأساسية والضوابط العلمية الضرورية لصناعة الفتوى وفقه النوازل، ولبناء الملَكة الفقهية، مع نماذج من بدائع النوازل التي تبرِزُ روعة الملكة العلمية لفقهائنا الأنجاب، واليوم نبدأ بعون الله وتوفيقه:
مفهوم النوازل والفتاوى:
“النوازل”: جمع نازلة وهي اسم فاعل من نزل بمعنى حَلَّ، وتجمع قياسا على نوازل:
فواعل لفوعل وفاعل وفاعلاء مع نحو كاهل وحائض وصاهل وفاعله…. إلخ.
وتُطلق “النازلةُ” على الفتوى الفقهية وكثر استعمالها لذلك في منطقة الغرب الإسلامي، ويرى بعض العلماء المعاصرين أنها إنما تطلق على الفتوى إذا كانت جوابا على قضية واقعة لا مفترضة [صناعة الفتوى وفقه الأقليات، ص: 25].
وتُطلَقُ في اصطلاح الحنفيَّة على الفتاوى التي استنبطها المتأخرون ولم يجدوا فيها رواية عن الأئمة المتقدمين، ونُطلِقُها اليومَ على “المسألة الواقعة الجديدة التي تتطلب اجتهادا وبيانَ حُكمٍ” وهي بهذا المعنى مُستعمَلَةٌ عند سائر الأئمة قديما وحديثا.
وأمّا “الفتاوَى” فهي جمعُ فتوى قياسا كالفتاوِي، فـ:”فَعْلَى” اسما تُقاسُ فيه الفعَالَى والفَعالِي [يُراجَع شرح المرادي على الألفية: 3/ 1404]، والفتوى في اللغة اسم مصدر “الإفتاء” من “أفتى”، يقال استفتيته فأفتاني إفتاء وفُتيا وفَتوى، “وأفتيت فلانا في رؤيَا رآها إذا عبَرْتُها له، وأفتيتُه في مسألته إذا أجبته عنها، وفي الحديث أن قوما تفاتوا إليه معناه تحاكموا، قال الطِّرِمَّاح:
أَنِخ بِفِنَاءِ أشْدَقَ من عَديٍّ ومن جُرْمٍ وهم أهل التَّفاتِي
أي التحاكم وأهل الإفتاء، والفتيا تبيين المشكل من الأحكام أصله من الفتي وهو الشاب الحدث الذي شب وقوي فكأنه يقوي ما أشكل ببيانه فيشب ويصير فتيا قويا وأفتى المفتي إذا أحدث حكما”. [لسان العرب: فتى].
والفتوى في اصطلاح الفقهاء هي: ” الإخبار بالحكم الشرعي لا على وجه الإلزام”. [شرح الخرشي على مختصر خليل: 3/ 109].