الفتوى رقم:566/ 2023م الموضوع: (الحبس)

السؤال: لدينا أراض محبسه متفرقة في أنحاء الوطن تحتاج لرعاية وتدبير وإصلاح، ورقابة دائمة لئلا يتطاول عليها، كما حدث ببعضها، وهذه الأراضي يوجد شخص نظير ومقدم عليها، وهو أحد أحفاد الواقف، ولديه ما يثبت تقديمه عليها.

وعليه فنرجو منكم فتوى تُبَيِّنُ له ما يجوز له القيام به من تصرف على سبيل الإصلاح في هذه الأراضي، التي هي في حكم الضياع، هل يجوز له البيع أو المناقلة فيها؟ ونحو ذلك مما تقتضيه المصلحة؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه ومن والاه؛

أما بعد: فإن الأصل المتفق عليه في المذهب أن الوقف إذا كان عقارا لا يجوز بيع ذاته ولا هبتُه، ودليل ذلك ما جاء في صحيح البخاري: “تصدق بأصله؛ لا يباع ولا يوهب ولا يورث، ولكن ينفق ثمره”.

وقد اختلف في الحديث؛ فمن الرواة من رفعه، ومنهم من وقفه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن أدلة ذلك أيضا عمل أهل المدينة؛ فقد جرى عملهم على ترك بيع الوقف، وبقاء أحباسهم إلى اليوم شاهد لذلك.

وجاء عن الإمام مالك أنه قال: “لا تباع الدار المحبسة وإن خربت وكانت عرصة”، هذا هو الأصل المعروف المنقول عن الإمام مالك رحمه الله، ولكن علماء المذهب أجازوا إذا خرب العقار الحبس أن يباع ويشترى عقار آخر ينتفع به المحبس عليه، بل جرى عمل أهل فاس بذلك كما قال الفلاليُّ:

 

وما من الحُبُس لا يُنتفَعُ      به ففيــه البيـعُ ليس يُمنَــع

كونُ العقار خَربًا وليس      فـي غَلَّته ما بصلاحـه يَفــي

وفقد من يصلحه تطوُّعا     واليأسُ من حالته أن ترجعا

 

وبناء على هذا فإن على ناظر الحبس المذكور في السؤال أن يحفظه كما تركه الواقف ما دام الانتفاع به أو بغلته ممكنا، فإن تعطلت منافعه وخيف عليه الخراب جاز له أن يبيعه ويصرفه فيما هو أولى منه بالانتفاع الذي أراده المحبّس، على أن الأولى أن يكون ذلك بإشراف القاضي، أو بعد استشارته.

 

والعلم عند الله تعالى.

 

زر الذهاب إلى الأعلى