الموضوع: الإلحاق

بسم الله الرحمن الرحيم

الفتوى رقم: 712/ م.أ.ف.م (055/024م)

بتاريخ: 15/10/2024

الموضوع: الإلحاق

السؤال: رجل تزوج في 14 مايو 2014 وطلق زوجته في أغشت من نفس السنة. وفي سنة 2017 شعرت بألم في الفخذ وورم، ثم توجهت لبعض المعالجين بالرقية والتدليك، وبعد شهر من التداوي توقفت عنها الدورة الشهرية، ثم ذهبت إلى المستشفى فأخبرها الأطباء بأنها حامل في شهر إبريل 2019.

وفي يوم 09 سبتمبر 2019 ولدت بنتا، وهي تطالب بحق هذه البنت في إلحاقها بوالدها، وقد قالت أسرته إنهم ينتظرون الحكم الشرعي في المسألة.

للعلم فإن الزوج توفي 2017.

السؤال مرفق معه شهادة أسرة الزوج المتوفى، ووثائق الفحوص الطبية.

الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه؛

أما بعد: فإن هذه النازلة التي ولدت فيها المرأة بنتا بعد مضي خمس سنوات، وحدود شهر على طلاقها، مع شعورها أثناء المدة المذكورة ببعض الأعراض المؤذنة بالريبة في الحمل، ومراجعتها للأطباء والرقاة، الظاهر لنا فيها لحوق البنت بالمطلق، اعتبارا بما يلي:

  • ما نص عليه خليل في المختصر بقوله: “وإن أتت بعدها بولد ‌لدون ‌أقصى أمد الحمل، لحق به، إلا أن ينفيه بلعان”.

قال ابن عرفة في كون أقصاه أربع سنين أو خمسا: ثالث روايات القاضي سبع، وروى أبو عمر ستا، واختار ابن القصار الأولى، وجعلها القاضي المشهور، وعزا الباجي الثانية لابن القاسم وسحنون، المتيطي بالخمس القضاء.

بل قال اللخمي: “إذا صح عن بعض النساء أنها ولدت لأربع سنين، وأخرى لخمس، وأخرى لسبع، جاز أن تكون الأخرى لأبعد من ذلك.” ([1])

إن هذا النقل يبين بجلاء أن أقصى أمد الحمل ليس فيه نص من كتاب، ولا سنة، وإنما المستند فيه التجربة، ولهذا كان محل آراء متعددة لأهل المذهب، منهم من جعله أربع سنين، ومنهم من جعله خمسا، ومنهم من جعله ستا، ومنهم من جعله سبعا، كما رأينا.

 

  • أن الزيادة اليسيرة جدا قد تسهل الأخذ بمقتضى القاعدة: “ما قارب الشيء يعطى حكمه”، ولهذا استشكل بعض شيوخ المذهب مسألة المدونة المنصوص فيها على الحد، ولحوق الولد بالزوج الأول فيما إذا تزوجت المطلقة قبل الخمس بأربعة أشهر فولدت لخمسة أشهر، إذ نقل عن الشيخ أبي الحسن القابسي: أنه كان يستعظم أن ينفى الولد من الزوج الأول، وأن تحد المرأة حين زادت المدة على الخمس سنين شهرا، كأن الخمس سنين فرض من الله ورسوله، وهي لم يتفق عليها، فقد اختلف مالك وغيره في مدة الحمل، فقال مرة: يلحق إلى سبع سنين.
  • أنهم نصوا على أن محل اعتبار أقصى أمد الحمل، إنما هو عند انتفاء الريبة أصلا، أو عدم زيادتها، وكلمتهم سواء في أن المطلقة إن تحقق بها حمل لم تحل أبدا إلا بوضعه، بل قال عبد الباقي: فإن مضت المدة المذكورة، يعني خمسا، أو أربعا، ولم تزل الريبة مكثت حتى ترتفع الريبة من أصلها.

والريبة في هذه النازلة حاصلة أثناء الأمد بقرائن الأحوال المحتفة بالنازلة المذكورة، حسب ما ورد في ملخصها، بل أصبحت شبه محققة بإخبار الطبيب.

أضف إلى ذلك ما عهد في الفقه الإسلامي، من تشوف الشارع للحوق النسب عند الإمكان.

والله تعالى أعلم.

 

([1]) – مواهب الجليل للحطاب: ج4، ص177.

زر الذهاب إلى الأعلى